مصادر فيتامين ب17: حقيقة أم خرافة؟
فيتامين ب17، الذي يعرف أيضًا بالأميغدالين أو اللايتريل، هو مادة مثيرة للجدل التي اكتسبت شهرة واسعة في الآونة الأخيرة، خاصة في سياق العلاجات البديلة للأمراض السرطانية. ومنذ اكتشافه، أثير الكثير من الجدل حول فوائده وآثاره الصحية، فضلاً عن مصادره الطبيعية وطريقة استخدامه.
ما هو فيتامين ب17؟
يُعتقد أن فيتامين ب17 ليس فيتامينًا حقيقيًا بالمعنى التقليدي للمصطلح، بل هو مجموعة من المركبات الكيميائية المعروفة باسم الأميغدالين. وجد الباحثون أن الأميغدالين يُستخرج بشكل رئيسي من بذور بعض الفواكه، مثل المشمش والكرز. رغم تسميته “فيتامين ب17″، إلا أن هذه التسمية تعتبر غير دقيقة علميًا، نظرًا لأنه لا يتصرف كفيتامين حقيقي داخل الجسم.
نظرة تاريخية على فيتامين ب17
تم اكتشاف الأميغدالين لأول مرة في أوائل القرن العشرين، وبرز اسمه في أواخر السبعينيات عندما تم ربطه بالعلاج البديل للسرطان. اشتهر الدكتور إيرنست ت. كيرشنر، وهو طبيب ألماني، باستخدام الأميغدالين لعلاج السرطان تحت اسم “لايتريل”. تزايدت شعبية الأميغدالين في الأوساط الطبية غير التقليدية بسبب الادعاءات التي تفيد بأنه يساعد في قتل الخلايا السرطانية دون التأثير على الأنسجة السليمة. ولكن، تسببت هذه الادعاءات في انقسام واسع النطاق في المجتمع الطبي.
كيف يعمل فيتامين ب17؟
يُعتقد أن الأميغدالين يعمل عبر آلية تُسمى “التأثير السام على الخلايا السرطانية”. فبمجرد أن يتم هضم الأميغدالين داخل الجسم، ينقسم إلى عدة مكونات، بما في ذلك السيانيد، وهو مركب سام معروف. تشير بعض الدراسات إلى أن السيانيد يهاجم الخلايا السرطانية عن طريق تدميرها، ولكنها تضر أيضًا بالخلايا السليمة في الجسم، مما يجعل هذه النظرية مثيرة للجدل.
ومن المهم أن نوضح أن الباحثين في المجال الطبي قد أثاروا شكوكًا حول فعالية الأميغدالين في علاج السرطان. فبالرغم من الادعاءات الشعبية، إلا أن معظم الدراسات السريرية لم تثبت أي فعالية ملموسة للأميغدالين في علاج السرطان، بل في بعض الحالات، تم الإبلاغ عن آثار جانبية ضارة، مثل التسمم بالسيانيد.
مصادر فيتامين ب17 الطبيعية
رغم الجدل حول فعالية فيتامين ب17، إلا أن هناك العديد من المصادر الطبيعية التي يُعتقد أنها تحتوي على الأميغدالين. تشمل هذه المصادر:
1. بذور الفواكه
تعتبر بذور بعض الفواكه من أغنى مصادر الأميغدالين. ومن أشهر هذه الفواكه:
-
بذور المشمش: واحدة من أبرز المصادر التي تحتوي على تركيز عالٍ من الأميغدالين. يُعتقد أن تناول بذور المشمش يمكن أن يُحسن الصحة العامة، لكن ينبغي الحذر من تناول كميات كبيرة منها بسبب إمكانية حدوث تسمم بالسيانيد.
-
بذور الكرز: مثل بذور المشمش، تحتوي بذور الكرز على مستويات مرتفعة من الأميغدالين. في بعض الثقافات، يتم استخدامها لأغراض طبية تقليدية، ولكن من المهم مراعاة مخاطر التسمم.
-
بذور التفاح: تحتوي بذور التفاح على كميات صغيرة من الأميغدالين. بالرغم من أن تناول كميات معتدلة من بذور التفاح لا يمثل تهديدًا صحياً كبيرًا، إلا أن الاستهلاك المفرط قد يؤدي إلى التسمم.
2. بذور الخوخ
تُعد بذور الخوخ أيضًا من المصادر الطبيعية الغنية بالأميغدالين. يتم استخدام بذور الخوخ في بعض الأدوية التقليدية، ولكن من الضروري تناولها بحذر.
3. بذور الكمثرى
تمامًا مثل بذور التفاح، تحتوي بذور الكمثرى على الأميغدالين ولكن بنسب أقل. ومع ذلك، يمكن أن تشكل هذه البذور خطرًا صحيًا إذا تم تناولها بكميات كبيرة.
4. الأنواع المختلفة من التوت
بعض أنواع التوت، مثل التوت الأسود والتوت الأزرق، تحتوي على كميات ضئيلة من الأميغدالين. وبالرغم من أن هذه الكميات قليلة جدًا، إلا أن تناول كميات كبيرة قد يؤدي إلى تأثيرات سامة.
5. الكرز الحامض (الكرز الياباني)
يعتبر الكرز الحامض أحد الفواكه التي تحتوي على الأميغدالين. غالبًا ما يُستخدم في صناعة العصائر والمربيات، ويمكن أن يكون له فوائد صحية معتدلة، ولكن لا ينبغي الإفراط في استهلاكه.
هل هناك أي فائدة طبية مثبتة لفيتامين ب17؟
على الرغم من الادعاءات الشعبية التي تشير إلى أن الأميغدالين يمكن أن يكون علاجًا فعالًا للسرطان، إلا أن الأبحاث العلمية التي تم إجراؤها على الأميغدالين لا تدعم هذه الفوائد بشكل قاطع. دراسات عديدة أجريت على الأميغدالين وفعاليته في علاج السرطان لم تُظهر أي نتائج إيجابية ملموسة. في الواقع، أظهرت بعض الدراسات أن الأميغدالين يمكن أن يكون له تأثيرات سامة على الجسم.
في الولايات المتحدة، أصدرت إدارة الغذاء والدواء (FDA) تحذيرات ضد استخدام الأميغدالين كعلاج للسرطان. كما أن الجمعية الأمريكية للسرطان والعديد من الهيئات الصحية العالمية الأخرى قد حذرت من استخدام الأميغدالين في العلاجات البديلة نظرًا للمخاطر الصحية المحتملة.
الآثار الجانبية لفيتامين ب17
يجب أن يتم التعامل مع فيتامين ب17 بحذر شديد، نظرًا لأن استهلاكه بكميات كبيرة يمكن أن يؤدي إلى التسمم بالسيانيد. تشمل الآثار الجانبية المحتملة:
-
التسمم بالسيانيد: يعد السيانيد من المواد السامة التي يمكن أن تؤدي إلى اختناق الأنسجة، مما يسبب تلفًا خطيرًا في الأعضاء الحيوية.
-
مشاكل في الجهاز الهضمي: قد يعاني الأفراد الذين يستهلكون كميات كبيرة من الأميغدالين من مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الغثيان والقيء وآلام المعدة.
-
مشاكل في الجهاز العصبي: يمكن أن يؤدي التسمم بالسيانيد إلى تأثيرات سلبية على الجهاز العصبي، بما في ذلك الصداع، والدوخة، وفقدان الوعي.
-
تلف الكبد والكلى: في حالات التسمم الشديد، قد يؤدي السيانيد إلى تلف الأعضاء الحيوية مثل الكبد والكلى، مما يتطلب علاجًا فوريًا.
كيفية استخدام فيتامين ب17 بشكل آمن
بسبب المخاطر المرتبطة بالاستهلاك المفرط لفيتامين ب17، من الأفضل توخي الحذر عند استخدامه أو تناول أي مكملات تحتوي على الأميغدالين. إليك بعض النصائح لضمان استخدامه بشكل آمن:
-
الاعتدال هو المفتاح: يجب تناول مصادر فيتامين ب17 بكميات معتدلة. إذا كنت تستهلك بذور الفواكه مثل المشمش أو التفاح، فتأكد من عدم الإفراط في تناولها.
-
استشارة الطبيب: قبل التفكير في استخدام الأميغدالين كعلاج بديل أو مكمل غذائي، يجب استشارة الطبيب، خاصة إذا كنت تعاني من أي مشاكل صحية أو تتناول أدوية أخرى.
-
التركيز على الأطعمة الطبيعية: يُفضل دائمًا الحصول على العناصر الغذائية من الأطعمة الطبيعية بدلاً من المكملات. يمكن تناول الفواكه التي تحتوي على الأميغدالين بكميات معقولة في إطار نظام غذائي متوازن.
الخلاصة
يظل فيتامين ب17 (أميغدالين) مادة مثيرة للجدل في المجال الطبي. رغم وجود بعض المصادر الطبيعية التي تحتوي عليه، مثل بذور الفواكه، فإن الأدلة العلمية لا تدعم فوائده كعلاج للسرطان أو كعلاج صحي عام. علاوة على ذلك، فإن استهلاكه بشكل مفرط قد يؤدي إلى آثار جانبية ضارة، أبرزها التسمم بالسيانيد.
في النهاية، من الأفضل استشارة الخبراء الطبيين قبل استخدام أي مكملات أو منتجات تحتوي على الأميغدالين، والتأكد من أن أي علاج أو مكمل غذائي يتماشى مع الإرشادات الطبية الحديثة.
